تشريع العنف الأسري
تشريع العنف الأسري
قبل العام 1850
للميلاد لم تكن أي سلطة على وجه الأرض تُجرم ضرب الزوج لزوجه ، لم يُسن قبل هذا
العام أي قانون يجرم هذا الفعل ، قبل هذا العام كانت ممارسة ضرب الزوج لزوجه
ممارسة صحيحة بأعتبار أن الزوجة تحت سلطة الزوج او بمعنى أدق من ممتلكات الزوج
يفعل بها ما يشاء ، في العام 1850 للميلاد
كانت أول ولادة لقانون يجرم الزوج على ضربه للمرأة ، وكان مولد هذا القانون على
أرض ولاية تينيسي في الولايات المتحدة ، فأصبحت أولوية تأريخية لهذه الولاية ،
وبعد ذلك تبعها عدد من الولايات حتى أصبحت بحلول العام 1870للميلاد معظم الولايات
المتحدة تُجرم هذا الفعل في محاكمها ، ثم تسلسلت بعد ذلك كل دول العالم المتقدم في
تجريم هذا الفعل ، وأنهت نظرية أن الزوجة ملكية من ضمن ممتلكات الرجل ، ومن هنا
بداء الإنسان بمحاربة العنف الأسري على الزوج والأبناء ، وبحكم أن مجتمعنا مثله
مثل أي مجتمع يوجد به مثل هذه الممارسات ويعاني الأمرين منها ، فالأسرة هي اللبِنة
الأساسية لتكوين المجتمع ،ومتى ما حدث خلل في بناء هذه الأسرة حتماً ان النتيجة
ستكون مجتمع مختل بفعل هذا الخلل ، ووجود حالات من العنف الأسري في مجتمعنا امر طبيعي ، ولكن الغير طبيعي هو عدم تجريم الزوج او الأب او الأخ او الأبن المعتدي
والذي يمارس شذوذه النفسي على أهل بيته عندما يكون ولياً عليهم ، والأكثر غرابة
وعجباً انه لايزال هناك من يرى ان الزوجة والأبناء من ممتلكات الزوج والأب ، وهذا
عائد بالسبب الأول الى الموروث الديني في فهم النصوص الدينية لدينا الذي أكتسب
قداسة لاتحميه من النقد فقط بل تحميه حتى من مجرد المراجعة ، وهنا لا اقصد قداسة
النص وأنما قداسة للعقل البشري الذي تفقه في الدين فخرج لنا بمثل هذه المفاهيم
ودّعمها بأدلة من السنة النبوية رغم تضعيفها من بعض المرجعيات الدينية ، ففي شرعنا
الديني الحالي الوالد لا يُقتل بولده ، رغم ان القرأن الكريم لم يلمح حتى تلميحاً لمثل
ذلك بل جاء القصاص بوصفه حياة لأولي الألباب ولم يكن هناك أي أستثناء بالقصاص ممن
يقتل نفساً زكية بغير حق ، والسبب الثاني الذي يعززه الموروث الديني والذي نخشى
بالتصريح به هو أن للرجل حق الملكية على الزوجة والأبناء ولا نستسيغ باطنياً ان
يُقتل الأب بأحد ابنائه بينما تجدنا نتقبل أن تُقتل الأم بأحد أبنائها ، نحن الأن
امام حالات لم تصل بعد الى حد الظاهرة أمام هذا العنف الأسري ، لذلك يجب أن نقتدي
بمن سبقنا بقرن ونصف وأن تقوم السلطة بتشريع قانون يجرم مثل هذا الممارسات التي
ضررها في نهاية الأمر عائد على المجتمع بأكمله ، وتطبيقها لكي نأمن على مجتمعنا من
بعض أنتاج الشذوذ النفسي أولاً ، وثانياً لكي نؤمن العدل وحفظ النفس الإنسانية
التي نزلت كل الرسالات السماوية لحفظها ، وثالثاً وأخيراً لكي نصبح مجتمع أنساني
يرتقي بقيمة الفرد الإنسانية .
تعليقات
إرسال تعليق