نعم ... نريد الوصول للمرأة

حرية المرأة كثيراً مايتردد هذا التعبير على مسامعنا حينما يدور الحديث عن الحقوق ، إن أكبر خطأ قد يرتكبه الحقوقيون والمفكرين والمهتمين بالجانب الاجتماعي والإنساني والجمعيات النسوية هو أنهم يتحدثون عن حرية المرأة بهذا التصنيف الجندري ، إنه لمن المخجل حقاً على هذا الكوكب  أن يتم الحديث عن الحرية من منطلق نوع الجنس ، إن إستخدام مثل هذا الشعار يضر بالقضية النسوية أكثر مما ينفعها ، يقول الروائي عبدالرحمن منيف في كتابه (بين الثقافة والسياسة) : "إن شعار تحرير المرأة في ظل مجتمع مقموع ومستغل وبمعزل عن تحرير المجتمع ككل يؤدي إلى إفتعال معارك تستنزف الكثير وبالتالي يؤخر التحرر الحقيقي للمرأة" وفي زاوية أخرى من زوايا ذات الكتاب يقول المنيف : "إن خصم المرأة ليس أباها أو أخاها ، ليس الرجل لكونه رجلاً وإنما خصم المرأة هو المجتمع بقيمه وعادته وأغلاله " ، وأنطلق مما إنتهى منه المنيف ، بالفعل خصم المرأة هو المجتمع وليس المرأة وحدها بل حتى يشاركها الرجل في الخصومة ، فهو متضرر من حيث يشعر أو من حيث لايشعر فهو لم يتفاعل التفاعل الكامل في مجتمع مكتمل الأراكان وصحيح البيئة ، لذلك قد نجد أن التخلف يحيط دوماً بشكل أكبر بالمجتمعات التي ترفض حقوق المرأة من منطلق ذات الشعار "حرية لمرأة" ، وهذا التخلف يضر بالمجتمع ككل الرجل والمرأة .
بعد ذلك نأتي إلى عبارة لها خصوصية سعودية وهي عبارة يرددها كثيراً ممن ينظرون إلى المرأة كعنصر مكمل وثانوي للأساس الذكوري ، وهذه النظرة ليست حكراً على الذكور بل حتى الكثير من النساء مصاب بها فهذه النظرة أشبه ما تكون بفيروس معدي يصيب أي مجتمع بكامله وبكل مكوناته  ، نعود إلى العبارة ذات الخصوصية وهي عبارة : " هم لايريدون حرية المرأة ، بل يريدون الوصول لها " ، هذه العبارة تثبت بما لايدع مجالاً للشك بأن من يؤمن بها ينظر إلى المرأة بنظرة دونية وقاصرة فهو يخشى عليها من أن يصلها أحد ، لماذا؟ لأنه يراها كائن درجة ثانية أي وصول لها قد يشكل خطراً عليها ولا تستطيع القيام بأمورها وتأمين نفسها .
ومن هنا أقول أنا نعم نريد الوصول للمرأة ، نريد الوصول إلى امرأة تكون عنصراً فعالاً ومنتجاً بالمجتمع ، نريد الوصول إلى امرأة تصنع القرار ولا تكون منفذاً له فقط ، نريد الوصول إلى امرأة لا يكون أكبر همومها ملبسها ومأكلها وغريزتها ، نريد الوصول إلى امرأة تنافس الرجل لتدعمه وليس أن تستسلم له لتدعمه ، هذا الإرتقاء بالنظرة إلى المرأة سينعكس على الرجل حتماً ، فسوف نصل إلى رجل لا يكون مقيداً بتساؤلات فارغة كيف تلبس المرأة؟ هل يناسب المرأة هذا العمل أو لا ؟ والعديد العديد من هل وكيف ولو! .

نريد الوصول لامرأة تشبه ليلى بنت عبدالله العدوية القرشية المشهورة بالشفاء بنت عبدالله التي وليت السوق في عهد الخليفة عمر بن الخطاب و أجادت بعملها .

نريد الوصول لامرأة تشبه مزنة بنت منصور المطرودي التي كانت تسكن بلدة العشوزية -من بلدان القصيم- التي ردت إبل قريتها من يد لصوص  حينما غزو قريتهم بعد أن علموا فراغ القرية من الرجال ، فقد كان رجال تلك القرية يذهبون كل جمعة إلى بلدة المذنب لكي يؤدون الصلاة لعدم إكتمال نصاب صلاة الجمعة من الرجال في قريتهم ، فإستغل اللصوص ذلك وهاجموا القرية فستاقوا إبل أهل القرية فعمدت مزنة الشهمة ولبست ثياب أحد إخوتها وأسرجت الفرس وركبته وإتجهت نحو اللصوص فأخذهم الرعب ودخلوا على الفارس أن يكف عنهم الغارة ويتخلوا له عن الإبل ، ولكنها رفضت وطلبت منهم إعادة الإبل والعودة معها كأسرى حتى يعود صاحب القصر فيقرر مصيرهم ، فعادوا وحبستهم بالقصر وقدمت لهم الضيافة حتى عاد الرجال ومنهم أباها وإخوتها فأخبرتهم بما جرى ، وشاع خبرها في نجد حسبما جاء  في رواية البسام في  (خزانة التواريخ النجدية) 

والكثير الكثير من الأمثلة للمرأة التي نريد الوصول لها التي لو أوردناها لما حصرها المقال .


ختاماً نعم نريد الوصول للمرأة ولا نريد الوصول لحريتها فقط ، فالحديث عن حريتها من منطلق نوعها الجنسي في هذا الزمن المتسارع هو تراجع يفيض بنا إلى مزيد من الرجعية ... ودمتم بكل الود

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معزوفة تارتيني (هزة الشيطان) ... ومعزوفة العرب (هزة الغباء)

من المستفيد من تواجد داعش؟