الإستنكار المستنكر ... لحادثة الاحساء
الإستنكار المستنكر صفة نعلم جميعاً أنها من صفات إبليس ، فإبليس اللعين عليه من الله ما يستحق سوف يستنكر على من إتبعه من بني أدم يوم الحساب ويقولو لهم ( لم يكن لي عليكم من سلطان ) ، على الرغم من أنه هو الذي أغواهم وجعلهم في خانة المغضوب عليهم، وهو الذي أضلهم وأصبحوا في خانة الضالين ، وقد يحدث وأن يقتبس بعض بني أدم صفة من صفات إبليس، وصفة الإستنكار المستنكر ليست مستثناة من هذا الإقتباس ، فالشخص المحرض وأقصد هنا المحرض من منطلق ديني وعلى وجه الخصوص في المجتمع السعودي إقتبس هذه الصفة الإبليسية ، فنجد المحرض يسخر كل إمكانيته القولية للتحريض بين طائفة وأخرى أو للقيام بعمل محدد ، وكل ذلك تحت مظلة الدين والغيرة عليه والدفاع عنه و عن الصحب أو الأل ، وسوف أضع مثالين هنا للإستدلال على ذلك .
المثال الأول هو النداء للجهاد في سوريا ففي بداية الثورة السورية على بشار الأسد أخذ المحرضون في تعزيز هذه الثورة من منطلق التعاطف مع الشعب السوري ، وخلع الدكتاتور من على رأس هرم السلطة في سوريا ، وبعد كسبهم ثقة الشعب السوري الثائر تغير تكتيكهم إلى حصر النصرة في الطائفة السنية فقط من الشعب السوري ، فتحولت الثورة الشعبية ذات المطالب الحقوقية إلى حرب طائفية ، جمعت كل المهووسين بالدم وبعض من المخدوعين بإسم الدين والجهاد من أصقاع الأرض في أرض الشام المباركة ، بعد ذلك ظهرت لنا داعش وهي الوجه الحقيقي للجهاد الذي يرغبون به ، ولكن داعش تسلطت على مصالحهم ولم تخضع لهم، فتم تكفيرها وتصنيفها على أنها من فرق الخوارج وهم في صدورهم نبض إعجاب بداعش ، بعد أن طغت داعش وتكبرت وأصبحت خطراً يهدد العالم ، خرج لنا المحرضون بالإستنكار على الجهاد وعلى الدعوة للجهاد وكلهم تبرأوا منه ، بل أن أحدهم كان ينادي بالجهاد ويرى الخلافة الإسلامية قادمة بعينيه ويصرخ مجلجلاً بهذا القول على المنبر ، وعندما سئل عن دعوته للجهاد أجاب بكل ثقة هذا كذب ، بل أنه زاد وإستنكر الذهاب للجهاد وهنا المثال الأول على حالة الإستنكار المستنكر .
المثال الثاني وهو حادثة الاحساء في السعودية دأبت قناة وصال وصفاء وشذى والخ الخ ...في الشحن الطائفي للسنة على الشيعة ، وهناك عدد كبير من المشائخ والمفكرين الإسلامويين لا هم لهم في قنوات التواصل الإجتماعي إلا تبيان خطر الشيعة ، وأنهم أشد خطراً من اليهود وأنهم لو تمكنوا منا لفعلوا بنا الأفاعيل من التعذيب والتنكيل ، وأخذوا في تكفيرهم والهجوم عليهم بكل شاردة وواردة تحت مسمى الدفاع عن الدين وعن الصحابة ، وبعد أن حدثت حادثة الأحساء ألتي ذهب ضحيتها خمسة من أبناء الوطن في حادث أقل ما يقال عنه أنه فعل جبان وغادر ، خرج علينا هؤلاء المحرضون بالإستنكار لهذا الفعل بوجه يدعوا للتسامح ونبذ العنف والتركيز على اللحمة الوطنية وتبيان قيمة النفس البشرية ، وتشعر أن هذا المحرض الذي أنقلب إلى داعية سلام ومحبة يحمل قلبين وعقلين ووجهين ، فهو يستنكر ما كان يحرض عليه ، وهذه هي الحالة الثانية من الإستنكار المستنكر
وفي الختام أحب أن أبين أن الناس لها عقول وتدرك ، وإن كان هناك قطيع يسيركم قبل أن تسيرونه فهو لن يشفع لكم يوم الحساب عن مشاركتكم بمثل هذه الجرائم ألتي تضر بالإنسانية والدين والمجتمع والفرد ، مهما إستنكرتم لن ننسى لكم هذا الفعل وهذا التحريض إلا عندما تعلنون التوبة الصادقة عنه وذلك لا يتم إلا بنقدكم لذواتكم وفكركم أمام العامة، أما مجرد الإستنكار لن يغفر لك شيئاً ...وغفر الله لنا آجمعين
تعليقات
إرسال تعليق