لا تعول على الرجولة كثيراً

الرجولة كمصطلح يُجمع الكل على أنه من الفضائل والمستحب تواجده كصفة في الجنس الذكري ، وهذا المصطلح مشتق من مصطلح رجل الذي يعني بلوغ الذكر من السن ما يعطيه القوة والشدة ليُعتمد عليه ويعتمد على نفسه ، فعلى سبيل المثال يمدح الذكر بقولهم له ولد رجلاً أي يمشي على رجليه ، ولا يوجد أي خلاف أو إعتراض على الرجولة كمصطلح ، لكن الخلاف كل الخلاف على مفهوم هذا المصطلح ، فهو يختلف من عقل إلى عقل ومن فهم إلى فهم أخر ، فعلى سبيل المثال صفة الشجاعة من الصفات الرئيسية المكونة لمفهوم الرجولة ، ولكن مفهوم الشجاعة يختلف كما هو الحال بالنسبة لمفهوم الرجولة ، فالبعض يعتبر الشجاعة قوة في إتخاذ القرار ، والبعض يعتبر الشجاعة قوة في الجسد ، والبعض الأخر يعتبرها القدرة على القيام بأفعال متهورة دون تحسب ، وهناك الكثير من المفاهيم المختلفة جزئياً أو كلياً لمفهوم الشجاعة ، وقس على ذلك  كل الصفات المكونة لمفهوم الرجولة من الكرم والتسامح والعطاء والخ الخ .
مصطلح الرجولة حين يتعامل الذكر مع الذكر قد لا يجد الكثير من إنعدام المفهومية  ، ولكن أم المصائب التي يواجهها مصطلح الرجولة كمفهوم هو عندما يتعامل الذكر مع الأنثى وخصوصاً في الثقافة العربية ، فمما يُسهل تعامل الذكر مع الذكر هو نظرة التكافؤ التي يتبادلها الطرفان من خلال العلاقة ، لكن حين يقابل الذكر أنثى هنا تختلف العلاقة بالكلية بين الطرفين فالذكر لا يرى نفسه كفوء للأنثى وأقرب شاهد على ذلك أن الذكرين حينما يتخاصمان ينعت كل منهم الأخر ب (يالحرمة) ، وفي مراحل متطورة من الإستحقار الأنثوي من قبل الذكر قد يُتبع الذكر مصطلح المرأة بعبارة ( الله يكرمك ) ، وهذه النظرة تركة من تراكمات زمانية وفكرية ودينية تشكلت عبر عصور ودهور لسنا في صدد بحثها الآن . 
نعود لمصطلح الرجولة ومفهومها الشائك بالعموم و الناقص بالخصوص مع الجنس الأنثوي ، فبسبب هذه النظرة الغير متكافئة بين الذكر والأنثى يتعرض مفهوم الرجولة لإهتزاز أكبر وأضافي على وجود مفاهيم مختلفة للصفات المكونة للرجولة ، فعلى سبيل المثال الذكر يقبل أخطاء الذكر الأخر وحين ينتقدها فهو ينتقدها بنعومة ، بينما يواجه الذكر أخطاء الأنثى بعنف وبكل ما أوتي من قوة ، فحين يلبس الفتى لباس مختلف عن السائد في المجتمع يكاد لا يلفت النظر اليه وحين يتم الألتفات له أقصى ما يمكن أن يكون هو أن يردد المجتمع :( كلن بعقله راضي ) . ولكن حين تلبس المرأة عباءة على أطرافها لون او تطريز تجد الكل يهب بها فهذا ناصح ينهرها ويشكك بأخلاقها وذلك أحمق يصدق تشكيك الناصح فيبدأ بالتحرش بها ومضايقتها ، وللأسف أن الناصح والأحمق كلاهما يتفقان على أنها تستحق التحرش بسبب لباسها الذي وكأنه إشارة منها للتحرش بها ، ولهذا فإن كل صفة الرجولة قد تنعدم في لحظة غير منطقية ، رغم أن هذا المعدوم من الرجولة قد يظن نفسه في قمة الرجولة عند قيامه بهذا التصرف الأحمق .
مصطلح الرجولة يعيش في حالة من التوهان المعقد في فهم ذاته ، قبل أن يفهمه الكل ويستوعبه ويجمع عليه ، لذلك لايجب أن نعول على ترسيخ مصطلح الرجولة في عقول أطفالنا إلا بعد أن نرسخ مفهوماً نقياً وصافياً وسامياً لكل صفة تكون هذا المفهوم ، وبعد ذلك نقوم بترسيخ مبدأ المساواة بين الجميع و أن الجميع سواء ، ولا فرق بين جنس وجنس ولا عرق وعرق ولا دين ودين  إلا بالأخلاق والتعامل  وليس على مدى فوارق الإختلاف ، دمتم برجولة ... نساء ورجال فالرجولة أخلاق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معزوفة تارتيني (هزة الشيطان) ... ومعزوفة العرب (هزة الغباء)

من المستفيد من تواجد داعش؟

نعم ... نريد الوصول للمرأة