الدين الذي يستهلك إنسانيتنا ويقضي عليها لا يمكن أن يكون رسالة من عند الرب




هل يمكن أن يتجرد الإنسان من إنسانيته؟
من هذا السؤال سوف أنطلق في مقالي ، سوف أحاول جاهداً إيجاد جواب مقنع لعقلي المضطرب بمثل هذه التساؤلات ، فما يحدث في هذا العالم من أحداث وفواجع يستوجب الوقوف عند نقطة السؤال كثيراً ، في ظني أن الإنسانية هي الفطرة التي تكوّن بها الإنسان الأول ، هي النفخة الإلهية التي نفخها الله في طينة أدم أبو البشر جميعاً ، هي الميزة التي تميّز بها الإنسان عن غيره من المخلوقات والكائنات ، هي الرابط الأساسي بين الفرد وبقية المخلوقات و الكائنات الحية والغير حية ، عندما يتجرد الإنسان منها يصبح بلا قيمة إنسانية عند البقية ، عندما يتجرد منها يصبح مجرد جماد قادر على المشي والأكل والشرب والنوم والقتل والموت ، ولا يتجرد الإنسان من إنسانيته كفعل طبيعي لذلك تجد أفعال الشخص المتجرد من إنسانيته صادمة للإنسان الطبيعي ، ولا يمكن أن يتجرد الإنسان من إنسانيته إلا بفعل فاعل ، وهذا الفاعل في غالب الظن أنه العامل الفكري الذي يعتمر في عقل ذلك الإنسان المتجرد من إنسانيته ، فسلطة العقل بالنسبة للإنسان هي الأقوى على تصرفاته وسلوكه وتعامله مع نفسه ومع الأخرين ، وبسبب هذه السلطة التي يمتلكها العقل على الإنسان فهو بحاجة إلى أسباب قوية بالكفاية التي تجعله يقتنع و يتجرد من إنسانيته وهو مبتسم ، وليس هناك سبب يمكن أن يكون أقوى من أن الله يرغب في تجردك من الإنسانية ، حينما يقتنع الإنسان (المؤمن) بالله أن الله يحبه أكثر عندما يتجرد من إنسانيته ، هو لن يشعر أنه يتنازل عن إنسانيته ، أو بالأصح لن يكون شعوره الإنساني مهماً إذا تقاطع مع رغبة الرب ، فالإنسان (المؤمن) في نهاية الأمر محقون بأن الله لم يخلقه سوى للعبادة ، والعبادة بالنسبة له لايستطيع هو تحديدها ، فمن يحددها شخص يسمونه (الشيخ) حباه الله بفضل من علمه وفقهه في الدين وجعله من أولياءه الصالحين ، فطريق الجنة ورضى الرحمن مرسوم على خطى هذا (الشيخ) ، فعندما يقول هذا (الشيخ) أن قتل فلان من الناس خير فعلى (المؤمن) أن يلتزم بهذا الخير وأن لم يتمكن من فعله فعليه أن لا يعارضه وهذا (أضعف الإيمان)، وبهذا يكون (الشيخ) بغض النظر عن أهليته العقلية و شعوره الإنساني قادر على التحكم بمصير الكثير من (المؤمنين) ، وهكذا يمكن أقناع أقوى سلطة على الإنسان وهي العقل بالتجرد من إنسانيته ، ولكن قبل ذلك يجب أن نلتفت إلى أن هناك عوامل تساعد على تهيئة هذا العقل للإقتناع بقول هذا (الشيخ) الحاكم والعالم  بأمر الله ، من أبرزها الجهل أو بالأصح الإستجهال وإدعاء عدم القدرة على تدبر أمور الدين ، ومن العوامل المهيئة أيضاً المحيط الذي يحيط بهذا العقل إذ أن أغلب العقول التي تحيط بهذا العقل المستهدف تكون عقولاً جبانة ، تعلم كذب وإفتراء وعدم منطقية بعض الأقوال التي يرددها (الشيخ) ولكنها تصمت خجلاً من منطلق أن ( الشيوخ أعلم  ) حتى لو لم تكن مقتنعة فعليها عدم الإعتراض وتلك هي طائفة (أضعف الإيمان) التي أشرت لها سابقاً ، أيضاً من العوامل المهيئة هي الظلم الذي يتصور هذا العقل أنه واقع عليه وهو في حقيقة الأمر ظلم لم يتجاوز نفسه ، فهو الذي ظلم نفسه بأن جعل نفسه في قاع الأمم والحضارات ورفض أن يتحرر من بعض أفكاره التي تقيده بهذا القاع فأصبح يلعن الأمم المتقدمة صبحاً وعشية ، وكأن فشله مرتبط بتقدمهم مع علمه الظاهري أنه لو تبع خطواتهم لوصل لما وصلوا أليه من هذا التقدم ، وهناك العامل المهيئ الأخير من وجهة نظري وهو العامل الأهم والأخطر وهو الموروث الديني الذي يستند به (الشيخ) لإقناع (المؤمن) بأن ما يفعله هو في سبيل رضاء الله ، وخصوصاً نحن المسلمين يحمل موروثنا الديني الكثير من الفواجع والمصائب التي لو وضعت على جبل لأصبح سهلاً ، ولي في القريب مقالة في تشريح بعض الحالات من هذا الموروث الديني.

وفي الختام الحل في جملة تعالج كل ما سبق

الدين الذي يستهلك إنسانيتنا ويقضي عليها لا يمكن أن يكون رسالة من عند الرب


ملحوظة

الشيخ : لايعني كل الشيوخ
المؤمن: لايعني كل المؤمنين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معزوفة تارتيني (هزة الشيطان) ... ومعزوفة العرب (هزة الغباء)

من المستفيد من تواجد داعش؟

نعم ... نريد الوصول للمرأة