لا تلعن نفسك دون أن تشعر ... "الفتنة نائمة"



"الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها" ، هكذا يلعن البعض أنفسهم دون أن يشعرون ، إيقاظ الفتنة ليس محصوراً بوقت حدوثها ، فلكل فتنة مسببات تقود إلى إيقاظ الفتنة ، فالفتنة مثل الذي يغط في سبات عميق فيأتي من يحدث ضجيجاً بجواره يتسبب بإيقاظه ، ومن غير المنطقي أن يكون اللعن محدود على اليقظة دون شمول من تسبب بها ، وهذا ما يحدث عند المحرضين على كراهية المخالفين لهم في الطائفة ، فتجد أغلب الشيوخ الذين يرددون هذه العبارة " الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها" يلعنون أنفسهم من حيث لا يشعرون ، فهم طول الوقت قبل حدوث الفتنة يزرعون في عقل الناس الجمعي ضجيج من الصخب الطائفي العفن ، ويحرضون الناس على بعضهم البعض من منطلق نصرة الدين وتبيان الحقيقة ، وهم من حيث يعلمون أو لا يعلمون يتسببون بإيقاظ مارد الفتنة النائم ، وعندما يستيقظ هذا المارد يفاجئونك بطرح معاكس لما كانوا يطرحونه قبل حدوث اليقظة ، فتجدهم الداعين للتسامح وقبول الأخر وحرية المعتقد حتى تشك بأن الذي أمامك ليس سوى فضيلة الشيخ بروح جون لوك وفضيلة الشيخ الأخر بروح توماس هوبز وسماحة المفتي بروح جان جاك روسو، وبعد أن يعود المارد إلى قمقمه ويغط في النوم تعود محركات العفن الطائفي في عقولهم للعمل من جديد ، وبتسارع أكبر وكأن فضيلته يمارس التكفير عن خطيئة الدعوة للتسامح وقبول الأخر وحرية المعتقد التي تبناها سابقاً، ولكن السؤال الذي لم يتبادر إلى ذهنهم وذهن القائمين على سياسة هذا الوطن وذهن غالبية الشعب المغلوبين على عقلهم
هل سيعود المارد إلى قمقمه بعد أن يستيقظ في كل مرة ؟
من واجبنا لهذا الوطن وهذه الأرض أن لا ننتظر إجابة على هذا السؤال ، وأن نبادر إلى رمي القمقم بعيداً عن مدينتنا التي شبعت من الموت ، ومحاربة الطائفية من منطلق وطني كواجب شعبي وديني وحكومي ، فهذا الوطن هو المشترك الوحيد الذي يجمعنا بإختلاف أعراقنا وقبائلنا ومذاهبنا وأفكارنا  ، وحينما نفض هذا المشترك الذي نجتمع به سوف يقع كل فرد من هذا المجتمع في داخل القمقم العفن وسيبقى المارد في الخارج لا ينتظر وقت يقظتك لأنك لن تغفو لحظة بداخل القمقم ، فكفوا عن لعن الفتنة والعنوا كل من يقودنا إلى حدوثها  من جميع المذاهب والطوائف والأديان

ومضة

الوطن أكبر من طائفيتكم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معزوفة تارتيني (هزة الشيطان) ... ومعزوفة العرب (هزة الغباء)

من المستفيد من تواجد داعش؟

نعم ... نريد الوصول للمرأة