البيان والتفصيل ... في مكارثية إبن العقيل
طرح الكاتب الجميل والأنيق والنقيَ
عبدالله العقيل مقال في جريدة الوطن تحت عنوان (مكارثية) ، ومن خلال هذا المقال
إنتقد الكاتب السلوك الذي يتبناه البعض من المغردين والكتاب حيال تصفية الحسابات
مع المختلفين عنهم بالرأي ، التي يرى أنها مشكلة وإعتبر ذلك السلوك نوع من التسلق
ووصفها بالمكارثية كمقارنة تشابه بينها وبين حالة السيناتور الأميركي جوزيف مكارثي
الذي كان يتهم كل من يعارضه بالخيانة والتأمر على أميركا لمصلحة التيار الشيوعي
دون الأهتمام بالأدلة ، وسميت هذه الحالة بالمكارثية إنطلاق من سيء الذكر
السيناتور جوزيف مكارثي .
مواطن الإختلاف عندي مع ما جاء به مقال
الكاتب تتمثل في عدة نقاط وهي كالتالي :
النقطة الأولى :
أن تصفية الحسابات بين أفراد المجتمع
مشكلة ، وهنا أختلف معه على وصفها بالمشكلة بل هي حل لمشكلة أكبر ، وهي إنعدام
القيَم والمفاهيم بين أفراد المجتمع ، فتصفية الحسابات هذه حالة صحية ستخلق لدى
البعض - إن لم يكن الكل- مفاهيم جديدة وقيَم جديدة ، بحيث أن يتريث العقل الناقد
قبل أن يتبنى أي رأي وقبل أن يدلي به ويراجعه تمام المراجعة ليتوافق مع القيَم التي
يؤمن بها فعلياً ، و أن لا يكون كما قال المثل الشعبي (مع الخيل ياشقراء)
النقطة الثانية :
أن الكاتب يرى أنها حالة عامة بين أفراد
المجتمع ، والصحيح أنها حالة بين تيار محدد ضد كامل أفراد المجتمع من الذين لا يتفقون
معه حول رأي أو موقف ، هذا التيار كان يمارس المكارثية
الحقيقية وليس مجرد تصفية حسابات تحت إسم الدين ويستغل الوطنية ليتهم ويخون من يختلف معه ، ويطالب بتطبيق
الشرع عليه وتقديمه للعدالة لمجرد أن له رأي مختلف عما يراه ذلك التيار الذي ينصب نفسه الحاكم بأمر الله بلا سلطة إلا سلطة إستعاء السلطة وتجييش عواطف المجتمع ضد من لايتفق معهم ، وهناك
العديد من الضحايا الذين ذهبوا مع الريح بسبب مكارثية هذا التيار السماوية ، ولن
أذكر حالات محددة ليقيني بمعرفة الكاتب بهم ، والذي قد يكون هو بذاته قد أوشك في وقت ما على أن
يكون رفيقاً للريح .
النقطة الثالثة :
لا أختلف مع الكاتب حولها كثيراً ولا
أتفق ، لا أختلف بأن الحكومة تعلم من هم
الحزبيين الذين يشكلون خطراً على الوطن وهذا صحيح ، ولا أتفق معه بأنه لا حاجة لتصفية
حساباتهم ، فتصفية الحسابات ليس الغرض منها في وجهة نظري هو إستعداء السلطة عليهم ،
ولكن الغرض هو كشف حساباتهم لدى عامة المجتمع ولدى الحزبيين أنفسهم ، وهذا في ظني
أنه غرض أسمى وأكثر فائدة من إستعداء السلطة عليهم ، فلو لاحظ الكاتب أن أغلب
النقد الذي تم توجيهه خصوصاً خلال الأزمة القطرية ، كان موجهاً جهة تيار محدد ولم
يكن يستعدي السلطة بل كان يستنطق وطنيتهم ، التي تمكرثوا – من المكارثية- حولها
كثيراً لتحقيق أهدافهم ، وحين أتى موقف حاسم وحازم لوطنهم ، صمتوا صمت الحملان في
غفوة النائم لأنها لم تتوافق مع أهدافهم الحزبية ، هو مجرد إستنطاق مجتمعي وليس
إستعداء للسلطة وهذا في ظني ما أشكل على الكاتب ، فكلنا ضد إستعداء السلطة إتجاه
أفراد والسلطة بالفعل تعي وتعلم ما يشكل خطراً عليها.
النقطة الرابعة :
لو أمنا فعلاً بمقال الكاتب ، بأن تصفية
الحسابات مكارثية ، هل يمكن أن نقول بأن من إنتقد مكارثي ووقف في وجهه حتى تمت
محاكمته وإدانته وأدمن المخدرات ومات بسبب ذلك ، أنهم مارسوا عليه نوع من المكارثية
المضادة ؟!
طبعاً لا ، فكل ما فعلوه هو أنهم قاموا
بتصفية حساب معه حتى لفظه المجتمع قبل المحاكمة ، وهذا ما يفعله المجتمع حالياً
بتصفية الحساب مع هؤلاء المكارثيون السماويون ، يصفي الحسابات معهم لكي يلفظهم
المجتمع بعد أن يكتشف حقيقتهم .
النقطة الأخيرة :
من إعترض ووقف في وجه مكارثي كان هدفهم
الأساسي لوقف هذه الحملة المكارثية حماية الحريات ، فلو أسقطنا هذا الهدف علينا
هنا – مع فارق القياس – ترى من كان يشكل خطراً على الحريات فعلاً؟!
خاتمة :
في ظني أن الكاتب عبدالله العقيل الذي
تربطني به صداقة تويترية نقية ، إنطلق من مبدأ نقي يدافع من خلاله وله ، وأعتقد أنه خلط بين إستعداء السلطة وتصفية
الحسابات ، وأتمنى أن لا يندم أبا السلاف عن كل كلمة طرحها في هذا المقال ، فهو
يواجه تيار إستغلالي لن يرحمه أبداً لو وجد عليه سبيلا ، وهنا أنا لا أستعديه
على أي تيار ولكن ليأخذ بمقولة (لستُ بالخب ولا الخب يخدعني)
تعليقات
إرسال تعليق