كانوا زنادقة فأصبحوا مصدراً للفخر ...
يفتخر الكثير بعلماء المسلمين السابقين في العلوم الطبيعية ، أمثال إبن الهيثم وإبن سينا وإبن رشد والقائمة تطول من الأبناء والأباء ، وتحس من خلال هذا الإفتخار المزيف أن من يفتخر ينسب الفضل لكونهم علماء هو أن دينهم الإسلام ، ولو لم يكونوا هؤلاء العلماء مسلمين لما كانوا علماء ، وفي حقيقة الأمر أن العالم سوف يصبح عالماً متى ما توفرت فيه بعض الصفات الخلقية والمكتسبة، وتوفرت له الظروف التي تساعده على التقدم بالبحث العلمي وتقديم النتيجة النهائية له، ويجب أن نعلم أن الدين أو المعتقد ليس من هذه الأسباب التي قد تدعم صناعة العالم ، فهناك عالم مسلم وعالم مسيحي وعالم يهودي وعالم بوذي وعالم ملحد ، وهذه دلآلة واضحة على أن الدين والمعتقد ليس لهما أي علاقة في كون العالم عالماً ، وليس لهما أي أثر في قيمة مستوى الذكاء البشري ، بل في بعض الأحيان تكون الأديان والمعتقدات معارضة وبشدة للعلوم الطبيعية ، وعلى سبيل المثال لا الحصر فلنبحث في تأريخ أوروبا في العصور الوسطى ، ونشاهد كيف واجه العلماء الطبيعيون في تلك الفترة كل أنواع الإضطهاد والتكفير وفي مراحل متقدمة وصلت إلى القتل من قبل الكنيسة التي كانت تسيطر على الدولة في ذلك الوقت ، ودولة دار الإسلام ليست ببعيدة في المثال عن أوروبا في عصورها الوسطى ، فأغلب العلماء المسلمين تعرضوا لما تعرض له علماء أوروبا من الإضطهاد والتكفير والنفي ، أكاد أجزم أنه عند كل الأديان توجد مثل هذه التعارضات بين العقيدة والعلم الحديث ، وأيضاً أكاد أن أجزم أن هذا التعارض ليس ناتجاً من أصل الأديان والمعتقدات نفسها وصحيح مفهومها فكما قال إبن رشد " لايمكن أن يخلق الله لنا عقولاً وينزل علينا شرائع تتعارض معها"، والعلم والتطوير وصفة البحث وكشف المجهول هي فطرة خلقها الله بنا ومعنا ، ولكن التعارض يحدث بين مفهوم البشر البسيط والمحدود لما جآت به هذه الأديان والمعتقدات وبين الحقائق التي يثبتها العلم الحديث ، وفي ظني أن هذا نابع من أن رجل الدين الذي أوهم العامة بأنة المحتكر الوحيد للعلم وهو لم ينل من العلم الطبيعي قيد أنمله ، فإحتكار رجل الدين للعلم في نظر العامة يجعله في موقف صعب أمام هذه الحقائق العلمية التي يثبتها العلم الحديث ، فهو غير قادر على نقضها علمياً بذات الطريقة التي ثبتت بها ، وغير قادر على التصديق بها فيفقد المكانة الإجتماعية التي وضعها المجتمع بها بكونه العالم الأوحد والأكمل في كل شيء ، ومن هذا المنطلق لا يجد أمامه سلاح يدافع به عن نفسه وعن خرافاته إلا إسلوب الإقصاء المتمثل في التكفير والزندقة وتحذير العامة من هذا العلم الحديث ، وللإسف أن أغلب العامة يسيرون وفق معتقدهم في كون رجل الدين هو العالم الأوحد والأكمل ، فيصبح إقصاء العلم الحديث في نظرهم حقيقة علمية وفقاً لقول رجل الدين وبذلك يؤيدون إنزال أقسى العقوبات في حق القائل بنظريات العلم الحديث ، طبعاً هذا التعارض لا يحدث مع كل الحالات العلمية الحديثة التي يصل إليها عقل العالم ، ولكن قلما تجد عالماً مغوار في العلوم الطبيعية الحديثة سلم من تهمة الزندقة والكفر ، وتكفير واحد كفيل برد أو التشكيك في كل نظريات العلم التي يقول بها او يصل لها ، ولكن بالرغم من ذلك فالنصر الاخير يكون للحقيقة ، والخرافة سوف تسقط لا محالة حتى وإن طال العمر بها ، ولنا في من نفتخر بهم الأن من علماء المسلمين السابقين خير دليل ، فقد كانوا في زمانهم مفسدين وخطراً محدقاً على الدين ، والأن نحن نفتخر بهم بكونهم مسلمين ، وحالياً هناك علماء قد نكفرهم ونزندقهم ومع مرور الزمن وتغير الأجيال سوف يصبحون مصدر فخر لهذه الأمة ، النصر دائماً مع الحقيقة والخرافة أوهن من بيت العنكبوت .
تعليقات
إرسال تعليق