النائحات ... المتعلقات بأستار السلطة

التحريض هو استحثاث جهة معينة على جهة أخرى ، وفي المعنى السائد للتحريض لا يكون هذا الاستحثاث إلا شرًا مطلقًا ومحاولة إنتقامية من جهة على أخرى ، ويكون المحرض حين يُقدم على التحريض غير قادر على الانتقام وإلحاق الشر بالطرف المحرض عليه ، وتختلف الاسباب في ذلك إما لعدم القدرة على إلحاق الضرر بالشخص المحرض عليه أو لجبن يعتريه يجعله غير قادر على الانتقام ،فلذلك يلجأ المحرض إلى جهة أخرى يقوم باستحثاثها لكي تقوم بالانتقام نيابة عنه ، ومن أخطر أنواع التحريض الذي تمارسه المجتمعات هو إستعداء السلطة على جهة معينة بسبب رأي معين ، كما حصل سابقاً في أمريكا بالحالة السلوكية التي إنتشرت أبان الحرب الباردة بين السوڤيت والأمريكان وأطلق على هذه الحالة مسمى المكارثية نسبة إلى جوزيف مكارثي ، حيث قام جوزيف مكارثي بإتهام عدد من موظفين الحكومة بأنهم شيوعيون ويعملون لصالح الاتحاد السوڤيتي من دون أدلة أو إثباتات ، وتمت محاكمة الكثيرين منهم وقد تبين بعد فترة من الزمن أن أغلب هذه الاتهامات كانت على غير أساس حقيقي ، وأنا هنا أستشهد بالمكارثية كحالة تحريض السلطة واستحثاث العنف الذي تحتكره السلطة ضد كل من خالف مكارثي الرأي ، واتهامه بتهم باطله لمجرد رأي أو اختلاف في وجهات النظر ، ومثل هذه الحالة التحريضية تكاد تتكرر يومياً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عندنا هنا ، فكم من وسم تم تداوله حتى وصل إلى قمة الترند في مواقع التواصل يطالب فيه جمع غفير من المغردين بمحاكمة فلان لأنه طرح رأياً مختلفاً أو جديداً عليهم ، وهذه الظاهرة تدل على أن المحرض على هذا الرأي لا يملك القيّمة المعرفية التي تعطيه القوة لمواجهة هذا الرأي الذي لا يتفق معه ، وبنفس الوقت هو لا يستطيع أن يستسيغ قبول هذا الرأي دون أن تكون له ردة فعل عليه ، لذلك يتجه للسلطة ويبدأ بممارسة ماتمارسة النائحة، ويحاول إستفزاز المجتمع بتشويه هذا الرأي لكي يشترك معه في التحريض ، ويحقق ما يرجوه وهو الانتقام بطريقة غير مباشرة أو من خلال السلطة ، ويحدث كل هذا لأنه لا يملك القيّمة المعرفية كما ألمحت سابقاً ، ولكن حين ينجح التحريض وللأسف هو ينجح في الغالب سوف يحس المحرض بنشوة الانتصار الانتقامي ، وسينسى جهله المعرفي وضعف حجته وتستمر دائرة التحريض .

ختاماً... التحريض الذي تمارسه اليوم وتستفز المجتمع له قد يمارسه غيرك عليك غدًا... لذلك عزيزي المحرض ستكون في حالة نواح مستمر إما كمحرض أو كمحرض عليه ، حاول أن تكتسب المعرفة وتخلق من خلالها وعيًا لايجعلك بحاجة إلى التعلق بأستار السلطة وممارسة الصياح والنياح لها على الأخر المختلف عنك 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معزوفة تارتيني (هزة الشيطان) ... ومعزوفة العرب (هزة الغباء)

من المستفيد من تواجد داعش؟

نعم ... نريد الوصول للمرأة