معززات الصحوة



الصحوة ... هي تلك الفترة التي مرت بالمجتمع السعودي ، وضربت أطنابها في حماه ، قد يختلف حولها القوم هذا الزمان ، فالمؤيد لها يراها صحوة تحمل بين طياتها الخير والعزة للأمة ، والمناهض يراها غفوة كبلت المجتمع من الإنطلاق والتقدم بين ركب الشعوب ، في هذا المقال سوف أحاول تسليط الضوء بقراءة نقدية وتحليلة للمعززات التي توفرت للصحوة ودعمت وجودها.

أول هذه المعززات هي طبيعة الذهنية التي كان يحملها الفرد السعودي ، هي ذهنية بسيطة محدودة بحدود قريته أو مدينته أو محيطه الصغير ، ولم تتلقى هذه الذهنية المعرفة إلا من مصدر واحد من مصادر المعرفة ، وهو المصدر الديني فكانت بطبيعة الحال ذهنية مهيئة لتقبل أي شيء يحمل غطاء ديني ، وقليل فقط من أفراد المجتمع من كان يحمل غير هذه الذهنية .

ثاني هذه المعززات هو إقبال الأفراد عليها ، لأنها قدمت لهم الوجاهة والسلطة المعنوية بأقصر الطرق ، فبمجرد أن تطيل لحيتك وتقصر ثوبك ويبرز المسواك في جيب صدرك ، فإن هذا يعطيك الحق في التسلط على الأخرين ، ولنا في قصص تحطيم جهاز التلفاز بيد الأبن والأب والأم يشاهدانه خير مثال  , وأيضاً في توليهم المنابر و تصدرهم للمجالس خير شاهد ، فأصبح الفارغون يجدون إمتلاء بهذه الحالة التي تمنحها لهم الصحوة ، فأقبلوا عليها إقبال منقطع النظير .

ثالث هذه المعززات هو التماهي الحكومي والإنسجام مع هذه الصحوة ، فوجدت دعماً من كل أجهزة الدولة تقريبا ًحتى تمكنت من أغلب مفاصل الدولة ، فأصبح من يطرح طرحاً مختلفاً لا ترتضيه الصحوة يصبح خصماً للوطن ، وتجد كل أجهزة الدولة مجندة ضده ، ولنا فيما حصل للكاتب الساخر والرائع محمد السحيمي خير شاهد ، فقد تمت محاربته بوزارة التربية والتعليم وبعد ذلك نقلت المعركة إلى دائرة القضاء . وبالإمكان مشاهدة حلقة إضاءات مع تركي الدخيل لتوافيكم بكامل تفاصيل حكاية السحيمي ، والسحيمي ليس الوحيد فهناك الكثير من (السحمان) تعرضوا لما تعرض له أكثر .

رابع وأخر هذه المعززات وفي ظني أنه أهمها ، هو حالة التماهي والمجاملة التي تعامل بها المجتمع مع أعراض الصحوة ، فكان الأغلب لا يضاد الصحوة بل يمثل دعمها ، وإن كان بداخله رافضاً لما تفعله به وتمارس عليه من سلوكيات سلطوية مضطهدة له ولأفكاره ولتوجهاته، ولا أعلم ما سبب ودافع هذا التماهي الذي وصل إلى حد الرياء ، بحيث أنه يرفض أعراض الصحوة داخلياً ولكنه يرائي أمام المجتمع لكي يظهر بصورة الداعم لها ، وإن جاز لي أن أحمل إحتمال لمثل هذا السلوك المجتمعي ، فأعتقد أن للبعد الديني الذي نشأت عليه ذهنية المجتمع السعودي -الذي ذكر في المعزز الأول- بالغ الأثر لخلق مثل هذا الرياء السلوكي .

قد يكون هناك أكثر من معزز للصحوة لكن هذه هي الأبرز بوجهة نظري ، والجميل في الأمر أنني أكتب هذه السطور والصحوة في حالة من الأفول والأندثار وقد يكون هناك مجال في مقال أخر لذكر معززات أفول الصحوة ... ودمتم بحب  رياء ، بحيث أنه يرفض أعراض

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معزوفة تارتيني (هزة الشيطان) ... ومعزوفة العرب (هزة الغباء)

من المستفيد من تواجد داعش؟

نعم ... نريد الوصول للمرأة