المشاركات

عرض المشاركات من 2016

حين يفسد الدين

كل شيء في هذا الكون قابل للفساد ، الإنسان معرض للفساد ، المؤسسات الحكومية معرضة للفساد ، الأنظمة السياسية والإجتماعية والإقتصادية معرضة للفساد ، وكل ما سبق من فساد من السهل ملاحظته ومكافحته والتصدي له ومحاولة إصلاحه ، أخطر ما يكون على الإنسان وعلى الكون حين يفسد هو الدين ، فالدين عقيدة ومبادئ وسلوك ، وفساد الدين الذي يشكل خطراً على الإنسان والأكوان ليس الفساد المترافق مع التساهل بالتدين مبدأ وعقيدة ، وليس الفساد المترافق بالتهاون ببعض السلوكيات الدينية ، إنما الفساد الديني الذي يشكل خطراً على كل ما يحيطه ، هو ذلك الفساد الذي يترافق معه التشدد بالعقيدة والمبدأ والسلوك ، هذا الفساد الذي يصيب الدين لايمكن إستشعاره ، بل على العكس هو يهب المصاب به الشرعية لكل قول وفعل لايتناسب مع الأخلاقيات والفطرة الإنسانية التي تتفق عليها غالبية المجتمعات ، ويهب المصاب به رضى المحيط الذي يحيطه، ففي الغالب الناس الذين يشتركون مع المتشدد في العقيدة والمبدأ يثقون به أكثر من المتساهل والمتهاون ، هذه الهبات التي يحصل عليها المتشدد تجعله يفسد ويعيث في الأرض ظلماً وجوراً دون أن ينبس ضميره الداخلي ببنت شفة ...

إبراهيم السكران ... وصوت العقل

طرح الشيخ إبراهيم بن عمر السكران مقال حمل عنوان "صوت العقل في تنظيم الهيئة الجديد" ، وبحكم أني من عشاق المنطق العقلي في تناول الأمور والمناقشات فرحت جداً بهذا المقال وغرني جداً بهذا العنوان ، في بداية المقال قام الشيخ حفظه الله بتشريح الموافقين والمؤيدين للقرار إلى ثلاث شرائح ، الأولى شريحة فاسدة فرحت بالقرار لكي تمارس فسادها بكل حرية ، وهذه الشريحة إن أفترضنا جدلاً وجودها لا يلغي وجود فاسدين أيضاً ضد قرار التنظيم ، ليس من منطلق حماية الفساد من عدمه ، ولكن من منطلق "أحب الصالحين ولست منهم" الذي تم تعزيزه في عقول الفاسدين بحيث أنك تكون بحال أفضل حينما يبتليك الله بالفساد ولكنك لاتعارض أوامر الله ، هذا المنطلق خلق لنا عقول تستمرئ الفساد وتجدها في الصف الأول من قطيع الدفاع عن الهيئة أو أي رمز ديني يتم حصر أمر الله لهم به ، ومن أهم الرموز التي تم حصر أمر الله بها هو جهاز الهيئة الحكومي الخاضع لسلطة الدولة ، فكل ما عليك هو مجرد إلقاء نظرة على الحسابات التي تدافع عن الهيئة ستجد غالبيتها في قمة الإنحطاط والفساد الأخلاقي ، هل يمكن هنا ياشيخ إبراهيم أن نقول بأن الفاسدي...

محاكم التفتيش بين الهرطقة ... والزندقة

محكمة التفتيش مصطلح تم إطلاقه على السلطة القضائية التي أسستها الكنيسة الكاثولكية خلال القرون الوسطى في اوروبا أو بالأصح القرون المظلمة ، وكانت مهمة محاكم التفتيش هي البحث والتقصي عمن يأتي برأي أو بحث جديد على مسامع العالم المسيحي في ذلك الوقت وعرضه على هذه المحكمة ، وعند عدم قبوله يتم إتهام صاحب هذا الرأي أو البحث الجديد بتهمة الهرطقة ، ثم تُنزل به أقسى العقوبات إلى درجة لا يتصورها العقل في بعض المحاكمات. وبحكم أن هذا الكون مشترك فنحن أيضاً كمسلمين في عالمنا  لدينا ما يشبه تلك المحاكم مع وجود بعض الفروقات ، من هذه الفروقات مسمى التهمة ففي العالم المسيحي تطلق عليها هرطقة أوخروج عن أمر الرب وفي عالمنا يطلق عليها زندقة أو الردة عن دين الله ، أيضاً من أهم وأخطرهذه الفروقات هو صاحب الصلاحية في الإدعاء عليك بمثل هذه التهم ، ففي العالم المسيحي كانت محكمة التفتيش المرتبطة بالباباوات هي الوحيدة التي تملك صلاحية الإدعاء على المتهم بالتهمة ، أما في عالمنا فالصلاحية مخولة لأغلب من يشهد أن لاإله إلا الله وأن محمد رسول الله ، ففي عالمنا الفضاء رحب بإطلاق تهمة الزندقة والردة عن دين الله...

الأجهزة العاطفية ... وخطرها على الوطن

في نظام كل دولة بالعالم تقوم الأجهزة الحكومية وكامل مرافق الدولة المنطوية تحت ظل الدولة ، بتسخير كافة امكانيتها لتوفر للمواطن حياة كريمة بجميع سُبلها ، وتستطيع أن تميز قوة الدولة داخلياً من خلال تعاملها مع مواطنيها ، ومن أهم الاسباب التي تؤدي إلى نجاح عمل هذه الأجهزة الحكومية هو أن لا تحمل هذه الأجهزة أي شعور غير الطموح في التوصل لمزيد من وسائل الحياة الكريمة للمواطن ، ومن أهم مسببات فشل هذه الأجهزة هو أن تتعامل هذه الأجهزة الحكومية بعواطف فردية ، فيصبح الجهاز حاقد على كل من ينتقده ويحب كل من يثني عليه ، ولا تصل الأجهزة الحكومية لهذه العواطف الفردية إلا حين تكون خارج نظام الدولة روحياً ، بحيث يشعر المنتسب لهذا الجهاز أنه خارج اطار الدولة روحياً ، وارتباطه بالدولة مقيد في نهاية الشهر حين يحل موعد الراتب الشهري ، وهذه الأجهزة هي أخطر ما يكون على الدولة رغم أنها في نظر الجميع تحت سلطة الدولة ، فهذه الأجهزة العاطفية قد تقوم بأي فعل قد يصل إلى حد الجريمة وبقوة النظام وتحت اسم النظام ، مما يجعل صدور المواطنين مستودع لتراكم الغل والكراهية على هذه الأجهزة ، وبعد ذلك يرتفع المنسوب إلى أن يصل إل...

النائحات ... المتعلقات بأستار السلطة

التحريض هو استحثاث جهة معينة على جهة أخرى ، وفي المعنى السائد للتحريض لا يكون هذا الاستحثاث إلا شرًا مطلقًا ومحاولة إنتقامية من جهة على أخرى ، ويكون المحرض حين يُقدم على التحريض غير قادر على الانتقام وإلحاق الشر بالطرف المحرض عليه ، وتختلف الاسباب في ذلك إما لعدم القدرة على إلحاق الضرر بالشخص المحرض عليه أو لجبن يعتريه يجعله غير قادر على الانتقام ،فلذلك يلجأ المحرض إلى جهة أخرى يقوم باستحثاثها لكي تقوم بالانتقام نيابة عنه ، ومن أخطر أنواع التحريض الذي تمارسه المجتمعات هو إستعداء السلطة على جهة معينة بسبب رأي معين ، كما حصل سابقاً في أمريكا بالحالة السلوكية التي إنتشرت أبان الحرب الباردة بين السوڤيت والأمريكان وأطلق على هذه الحالة مسمى المكارثية نسبة إلى جوزيف مكارثي ، حيث قام جوزيف مكارثي بإتهام عدد من موظفين الحكومة بأنهم شيوعيون ويعملون لصالح الاتحاد السوڤيتي من دون أدلة أو إثباتات ، وتمت محاكمة الكثيرين منهم وقد تبين بعد فترة من الزمن أن أغلب هذه الاتهامات كانت على غير أساس حقيقي ، وأنا هنا أستشهد بالمكارثية كحالة تحريض السلطة واستحثاث العنف الذي تحتكره السلطة ضد كل من خالف مكارثي ا...

على قلب وطن واحد

الوطن هو الأرضية المشتركة والمتماسكة والصلبة التي يمكن أن نضع أقدامنا عليها ونشعر بالسلام والأمان والاطمئنان ، لن تستطيع القبيلة أن تجمعنا ولن تتمكن المذاهب من توحيدنا ، هو الوطن وحده الذي يمكن أن يجمعنا على قلب رجل واحد ، تعرض مفهوم الوطنية لكثير من التشويه والتمسيخ عبر عقود قد خلت ، فكل حزب يحاول تقميص الوطن حسب مفهوم يتوافق مع قميصه الحزبي ، ولكن ما يلبث هذا القميص إلا ويسقط كما سقطت ورقة التوت فتنكشف عورة هذا المفهوم الهش والضعيف ،وأعتقد أن السياسي كان يتحمل جزء من مسؤولية هذا التشويه الذي حصل لمفهوم الوطن ، بعد أن سلم صناعة المفاهيم والوعي العام للمجتمع لفرقة معينة من   المتحزبين لحزب الصحوة الغافي ، فتعرض هذا المفهوم (الوطن) إلى أشد أنواع التمسيخ لدرجة   ألغاؤه بالمطلق في عقول بعض من كانوا منتمين لهذه الصحوة الغافية فكفروا بوطنهم وأمنوا بحزبيتهم ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إنه تطور إلى محاربتهم لهذا الوطن ومحاولة هدم أركانه ، مع إستجلاب ماضويتهم كحجة لهم التي لم تعد تتوافق مع العصر والمطالبة بتطبيقها ، وأقصد بهذه الماضوية فكرة (دولة الخلافة) ، ولكن انتبه السي...