"إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتى نسيّر إليكم رجلاً"
من يقراء في التأريخ الأسلامي والعربي يجد نماذج قليلة من النساء القياديات اللواتي حكمن بلادهن او ساهمن في صناعة القرار السياسي، ويأتي على رأس هذه النماذج أم المؤمنين عائشة بنت ابي بكر (رضي الله عنها وعنه) وهي التي قادت جيشاَ متوجهةً به الى البصرة مطالبةً الأمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) بالقصاص من قتلة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) في هودج من حديد على ظهر جمل وسميت تلك الموقعة بموقعة الجمل نسبةً الى جمل عائشة (رضي الله عنها) ، ومن ضمن النماذج أيضاً ملكات الدولة الصليحية في اليمن أسماء بنت شهاب وأروى بنت أحمد وإن كن يقدن المملكة بأسم أزواجهن الا ان التأريخ يعترف بمساهمتهن بأدارة مصالح المملكة ، وهناك أيضاً شجرة الدّر التي جلست على عرش مصر لمدة ثمانين يوماً أبان حكم المماليك وقد واجهت معارضة شديدة داخل البلاد وخارجها حيث أن وجودها على سدة الحكم لا يسمح به الشرع وقاد هذه المعارضة العز بن عبدالسلام وأيضاً الخليفة العباسي المستعصم رفض وجودها كملكة على مصر وكتب اليهم "إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتى نسيّر إليكم رجلاً" ، هذه النماذج تثبت لنا أن الثقافة الذكورية كانت طاغية منذ القدم في مجتمعتنا الأسلامية والعربية ، فلم تقود عائشة (رضي الله عنها) الا لهدف سياسي رغب به الذكور الذين سعو خلف نزع الخلافة من الأمام علي بن أبي طالب(رضي الله عنه) مستغلين ثقلها المعنوي لدى غالبية المسلمين ،وما حكمت ملكات الدولة الصليحية الا من خلف أزواجهن الذكور ، ولم يرضى الذكور أيضاً بوجود شجرة الدّر على سدة الحكم فأجبروها على التنحي عن الحكم لعز الدين أيبك بعد أن تزوجتة لكي تمارس السلطة من خلف قناع الذكر ، وهذه الثقافة الذكورية المتوارثة لا يمكن أن تختفي بين عشية وضحاها فهي متوارثة منذ قرون ، لذلك مجرد لفظ القيادة والمرأة يكفي بأن يجعل الذكر يستفز كل طاقاتة لرفض اي فكرة تحمل عنوان يجمع بين القيادة والمرأة ،كان الأجدر بالمطالبين بقيادة المرأة للسيارة في السعودية أن يغيرو عناوين حملاتهم المطالبة بهذا الحق الى سياقة المرأة مثلاً او اي عنوان أخر لا يوجد به لفظ قيادة ، لأن المُشرّع في هذه البلاد مصاب بهذه الثقافة الذكورية ولفظ القيادة أذا أجتمع مع المرأة قد يجعله يظلم ويبطش ويسلب الحقوق مقابل أن لاتقود أمرأة ، حتى ولو هيكل من حديد يسير على اربع عجلات ، فأغلب الذكور هنا لا زالت مقولة المستعصم تصدح في أذانهم "إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتى نسيّر إليكم رجلاً" فيعتقدون أنه عندما تقود المرأة السيارة سوف يبعث لهم مستعصم هذا الزمان مثل ذلك الكتاب الذي يستنقص من ذكورتهم في الحقيقة لا رجولتهم ، وبما أننا أمة نصية و للفظ عندنا كبير الأثر أقترح أن تتم المطالبة بسياقة المرأة بدلاً من قيادة المرأة ولن يتأخر المُشرّع في منح هذا الحق لهن بعد أن يتحرر من لفظ القيادة وسيمنح الحق دون أي أيذاء لثقافتنا الذكورية المسيطرة على عقول أغلب الذكور والنساء في بلدنا الحبيب.
تعليقات
إرسال تعليق